اليمن ومجلس التعاون الخليجي: الواقع وآفاق المستقبل
الأحد, 02-مارس-2008
اليمن والخليج
نجيب العميسي - اليمن والخليج العربي كل لا يتجزأ ونسيج متجانس، وتتوفر فيه المقومات المجسدة لواحدية هذا التكوين الحضاري باشتراطاته التاريخية والجغرافية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها من الجوامع التي تشكل هذا الكيان بروابطه المتينة التاريخية الضاربة في أعماق التاريخ.
إن واحدية الجوامع لأبناء اليمن ودول الخليج العربي، أصبحت تفرض اليوم على هذا الكيان استشراف المستقبل بواحدية والتئام أكثر من أي وقت مضى لتأكيد وجوده الحضاري والظهور على قدر كبير من الاقتدار والقوة لمواجهة التحديات الكبيرة التي أفرزتها المتغيرات والتحولات العالمية، ويقتضي تمتين علاقة الإخاء والانطلاق إلى آفاق شراكة شاملة في مختلف المجالات وبما يخلق اندماجاً حقيقياً وشاملاً أكثر قوة وتلاحماً فاعلاً للانطلاق إلى رحاب المستقبل برؤية ناضجة وثقل سياسي واقتصادي يعبر عن الانتقال إليه في إطار شراكة الطموحات والآمال لأبناء اليمن والخليج.

أوجه التماثل:
من البداهة ان نقول: ان اليمن جزء لا يتجزأ من جزيرة العرب، التي ما فتئ المؤرخون منذ القدم يذكرونها بهذا الاسم، ويحددونها جنوباً البحر العربي، وشمالاً صحراء النفوذ على مشارف بلاد العراق والشام، وغرباً البحر الاحمر وشرقاً الخليج العربي.
هذا الاقليم الجغرافي ما من كتاب من الكتب التي عرفت بكتب البلدانيات (الجغرافية) يتعرض لذكر اقاليم الارض الا جعل جزيرة العرب، كتلة جغرافية واحدة، اجملها القدماء في بعض الملامح التاريخية لتلاحم الجزيرة العربية، اهمها:
أولاً: التماثل الجغرافي
هذا الاقليم -جغرافياً- كما يصفها الجوهري،في كتابه "الوطن العربي بقوله انها لوحة جغرافية واحدة تمثلت لي كأنها بساط زاه متعدد الالوان.. فلون السلسلة الجبلية الممتدة من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب طبيعة جبلية واحدة يتفرع من هذه السلسلة فرع في الوسط وهي المنطقة المعروفة بنجد حتى تطل هضابه على الخليج، وفرع في الجنوب يبدأ من جزء السلسلة الجنوبية ويمتد مطلاً على البحر العربي من جهة والربع الخالي من جهة اخرى حتى يتصل بجبال عمان،طبيعة جبلية واحدة وان اختلفت بعض مظاهرها.
والى جوار لون هذه الجبال لون السهول الساحلية المطلة على البحار وتمتد من العقبة شمالاً حتى عدن جنوباً.. ثم يتحول شرقاً حتى مضيق هرمز، ويمتد شمالاً من ناحية الشرق حتى يصل الى أعلى خليج البصرة.
ثم اللون الصحراوي الذي يتمثل في صحراء الربع الخالي في الجنوب الشرقي وصحراء النفوذ في الشمال وصحراء الذهناء في الشمال الشرقي.
هذه الالوان المتعددة لجزيرة العرب لا تفصل بين اجزائه موانع طبيعية.. فلا انهار فاصلة ولا بحار حاجزة، ولا جبال ثلجية صادة، ولا توجد صحراء تفصل جزءاً عن بقية الاجزاء، بل ان التواصل بين مدنها يتم عبر سلسلة الجبال من نجد او من جبال حضرموت وعمان، حتى صحراء النفوذ لا تشكل عائقاً لأنها في الطرف الشمالي، فالجزيرة إذاً اقليم جغرافي واحد.

ثانياً: النسيج السكاني
من أول نظرة الى تاريخ جزيرة العرب، وبالذات سكانها نجد انهم من العرب أياً كانوا قحطانيين او عدنانيين، بل كما يقول النسابة اصل العرب من أب واحد بحكم تناسب العدنانيين مع القحطانيين.. فاليمن منبع الحراك السكاني داخل الجزيرة.. والبداية من القبائل القحطانية التي خرجت من اليمن واستقرت في ربوع جزيرة العرب.
ويقول محمد حسين الفرح في كتابه "اليمن في تاريخ ابن خلدون" خرج من قحطان فرعان كبيران حمير وكهلان، فأما حمير فبقي منهم في اليمن من بقي وخرج بعضهم يجوب بلدان جزيرة العرب واستقر في اجزاء منها.. منهم قضاعة في شمال الحجاز.. تجاورهم تنوخ في اقصى شمال الجزيرة داخلاً في الشام.. وترافقهم قبائل كلب، وفي وديان شمال الحجاز استقرت جهينة.
ومن كهلان استقرت قبيلة طيء الازدية في جبل شمر ونجد.. وقبيلة جذام سكنت مع لخم في اطراف الشام وحدود شمال الجزيرة، ومن قبيلة الازد استقر في عمان، وفي قلب جزيرة العرب الذين عرفوا بالاوس والخزرج ومن الازد ايضاً قبيلة خزاعة الذين سكنوا مكة وبعض الحجاز وتحكموا بمقاليد مكة لمدة من الزمان، وقبلهم كانت قبيلة جرهم القحطانية التي ناسبهم اسماعيل ونشأ منهم الفرع العدناني، ومن قضاعة كانت تنوخ ودوس وقد سكنوا البحرين، وقبائل نجد اليوم بصورة عامة اغلبهم من القبائل القحطانية.
وفي تهامة اليمن وتهامة السراة العديد من الفروع القبيلة المضرية العدنانية،وانتقلت فروع من ثقيف والعلويين الى شمال اليمن واستقروا في صعدة.
وإذا اعددت احصائية للعشائر القبيلة لوجدت القبائل اليمنية تغطي سائر الجزيرة العربية الى جوار القبائل الاخرى من مضر وربيعة، ولم تنشأ مشكلة عرقية داخل جزيرة العرب.
فلا توجد قوميات داخل جزيرة العرب، ولا اعراق مختلفة، ولا جنسيات متباينة، وانما هم من عرق واحد،متقارب، او موحد اللون في الغالب، وما دار من صراعات بين فروع القبائل فهو صراع مصالح، فحيثما طغت مصلحة قبيلة على اخرى نشأ الصراع، وتتمثل المصالح إما بالنزاع حول ارض، او حول ثأر بين قبيلتين، او نزاع سلطوي، وكثيراً ما كانت هذه النزاعات تسوى كلما وجدت قيادات حكيمة، تعمل على رأب الصدع، وتخمد نار الصراع.

ثالثاً: الخلفية الثقافية
تتميز جزيرة العرب بخلفية ثقافية واجتماعية متلاحمة، ومن مظاهرها:
- اللغة: فلغة التخاطب عند كل ساكني الجزيرة واحدة هي اللغة العربية.. الجميع يتكلم بها وتكتب بحروف واحدة، وان تعددت اللهجات، الا أن اصولها عربية، وحتى حينما يتحدث علماء اللغة عن لغة طيء، ولغة تميم، ولغة قريش، فلا تعد هذه لغة ذات جذور واشتقاقات خاصة وانما هي لهجات او صور متعددة من قراءة الكلمة او تشكيلها او نطقها، يقول الهمداني في كتابه"صفة جزيرة العرب" وتسمى جزيرة العرب لأن اللسان العربي في كلها شائع وان تفاضل. وقد وصف لنا الهمداني لهجات جزيرة العرب بدءاً من المهرة في حضرموت الى الشام ورغم انه سماها لغات الا انه لا يعني لغة مفردة وانما لهجة في النطق فقط، والاختلاف في اللهجات لا يعني الاختلاف في الاصول اللغوية..
ولهذا نجد الموروث الثقافي لجزيرة العرب كتب بلغة واحدة،وصار رصيد الامة كلها، يرجع اليه كل من يريد ان يدرس جانباً من حياة الجزيرة.
ومن ابرز مظاهر نسيج الخلفية الثقافية عند اهل جزيرة العرب.. مظهر المعتقدات.. فرغم انهم كانوا قبل الاسلام مختلفي التوجهات الاعتقادية ولهم اصنام واوثان عديدة، الا انهم كانوا يجتمعون في مكان واحد وهو مكة المكرمة فيمارسون مناسك واحدة، وان اختلفت بعض التفاصيل، فغالبيتهم وثنيون ومع هذا يتوجهون الى الكعبة جميعهم.
ومع مجيئ الاسلام الذي بدأ اولاً بجمع العرب جميعاً تحت راية واحدة، فقد خرج محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام من مكة المكرمة البلد الذي كان يجمع العرب في عباداتهم في الجاهلية لتصبح مكة المكرمة بعد ذلك قبلة للمسلمين جميعاً عربهم وعجمهم لا يشاركهم فيها احد.
ومن مظاهر هذا الملمح ان صارت جزيرة العرب ارضاً اسلامية لا يشاركهم فيها احد من غير المسلمين لا في قبلتهم ولا في حجهم،كما عزز ذلك قيام العرب بنشر الاسلام فقد قادوا حركة الفتوحات الاسلاميةفي مشارق الارض ومغاربها.
وهكذا صارت جزيرة العرب منطقة إشعاع للفكر الإسلامي الى جميع بقاع الأرض التي دخلها الإسلام، وصار اليماني والعماني والحجازي والبحريني والنجدي والثقفي والتميمي والأزدي والنزاري، مع غيرهم من الأجناس غير العربية، يعملون فريقاً واحداً للعيش بهذا الفكر الجديد، ونشره في ربوع الأرض.

رابعاً: التداخل الاجتماعي
مسمى الحياة الاجتماعية يدل على حقيقته... فهي حياة بمعناها الواسع... واجتماعية تدل على كل أشكال الاجتماع. ولو تتبعنا أنماط الحياة الاجتماعية في جزيرة العرب كلها لما وجدنا اختلافاً جوهرياً.
فالتكوين القبلي هو نفسه الموجود في شمال الجزيرة وجنوبها، وفي شرقها وغربها، وفي أواسطها وأطرافها، وفي جبالها وصحاريها حتى المسميات لاتختلف اختلافاً بيناً.
وقد جرت عادة المؤرخين الأوائل حينما دونوا التاريخ الاجتماعي المتمثل في الأنساب وأيام العرب بأنهم كانوا يدونون ما وصل اليهم، وما احتفظ من موروث ثقافي اجتماعي سواء عبر الشعر أو القصص الحربي الذي عرف بأيام العرب.
ولنأخذ مثالاً على ذلك فكتاب (بلوغ الأرب في أحوال العرب لمحمود شكري الألوسي) يحدثنا عن التجمعات القبلية في الجزيرة وعاداتهم واعرافهم وتقاليدهم في الأفراح والأتراح وفي جميع نشاطاتهم الاجتماعية ولاتجد فرقاً كبيراً بين ماهو في شمال الجزيرة أو في جنوبها ولا بين شرقها وغربها الا في بعض التفاصيل وربما بعض المسميات.. وذلك يدل على ان الأصول الاجتماعية واحدة، وليست مختلفة المشارب والجذور.

خامساً: النشاط التجاري
كانت جزيرة العرب كوحدة جغرافية واحدة لها مصالح مشتركة تجمعها. فقد تعارف القوم على إنشاء أسواقاً تجارية كبرى وصل تعداد ماعرف منها الى ست وعشرين سوقاً حسيما أوردها اليعقوبي في كتابه"التاريخ"..امتدت من عمان وعبر حضرموت حتى عدن، ثم تخترق السلسلة الجبلية شمالاً في مجموعة من المحطات التجارية، حتى تصل الى دومة الجندل في الشمال، ثم تصل الى الشام.
فهذه الأسواق التجارية في جزيرة العرب لم تكن مقتصرة على البيع والشراء، بل كانت مجمعاً ومهرجاناً تمارس فيه مختلف انواع النشاطات،الادبية والسياسية والعسكرية وغيرها..
ويقول عنها الالوسي في "بلوغ الارب في معرفة احوال العرب" بانها كانت تعد محطات ( ترانزيت) لنقل التجارة من الشرق الى الغرب، ومن الشمال الى الجنوب والعكس.
وكانت الطرق التجارية تلقى الرعاية والاهتمام سواء قبل الاسلام أو بعدها.. وذلك من ناحية توفير الحماية من القبائل المجاورة للأسواق والطرق، أو من خلال التفاوض مع المتحكمين على هذه الطرق على دفع مال مقابل الحماية أو بعقد تحالفات كما هو حال قريش في الجاهيلة التي عقدت احلافاً مع قبائل يمنية في الجنوب.
وقد رعت الدول الاسلامية المتعاقبة في جزيرة العرب هذه الطرق واهتمت بها، وبنت السبل (المياه) وحفرت الأبار. وحددت المحطات (المراحل) وجعلت في كل مرحلة مبنى خاصاً ينزل فيه السائرون، ليعرف كم قطع من المسافات، وكم بقي له فكانت الطرق وتعرف بالجادة معروفة ومألوفة والفت في ذلك الكتب الى حد أن جميع كتب الرحالة والجغرافيين كقدامة بن جعفر، والهمداني، واليعقوبي، جميع كتبهم أجمعت على أسماء أغلب المحطات التجارية المهمة في طول جزيرة العرب وعرضها.
وعن المدن التجارية يقول المقدسي في كتابه"احسن التقاسيم"،اشتهرت مدن تجارية في جزيرة العرب منها على البحر ومنها في الداخل: فأما المدن البحرية منها عمان وصحار وهرمز والشحر وعدن وغلافقة وجدة والعقبة.
واما الداخلية الجبلية والسهلية فنذكر منها الجند وصنعاء وصعدة ونجران والطائف ومكة والمدينة هذه المدن سواء البحرية أو البرية تشكل منظومة تكاملية في انتقال التجارة وتنوعها.
ومن المظاهر التجارية الموحدة ان العملة النقدية التي كان يتم التعامل بها كانت تسود الجزيرة كلها فأي عملة نقدية - وغالباً تصدر في اليمن - سكت في زبيد أو عثر أو صعدة أو صنعاء من فئة الدينار الذهبي، أو الدرهم الفضي، كان التداول بها امراً معتاداً في جميع انحاء الجزيرة.

سادساً: التنظيم الاداري
اتخذ رسول الله سياسة ادارية في ظرف زمني قصير لإدارة جزيرة العرب.. فما ان توافدت الوفود الى المدينة من مشارف نهاية العام التاسع الهجري حتى نهاية العام العاشر الهجري في هذا الوقت القصير تمكن رسول الله من وضع نظام اداري هرمي لجزيرة العرب كلها.. فنظمت في جهاز اداري قمته في المدينة المنورة، وقاعدته في كل موطن لعشيرة قبلية، حيث كان يولي العرفاء على العشائر، ويولي من فوقهم أمراء على المناطق، ويولي من فوقهم امراء على الولايات وتجتمع هذه القيادة بالقيادة المركزية في المدينة المنورة.
فقد وضعت الجزيرة العربية كلها في اربع وحدات ادارية كبيرة اليمن - الحجاز- عمان- البحرين.. فاليمن يشمل كل ما يقع جنوب الطائف حتى بحر العرب وعاصمته الجند ثم صنعاء.. والحجاز يمتد حتى نجد شرقاً، والطائف جنوباً، وعاصمته مكة المكرمة.. وعمان الإقليم المشرف على المحيط الهندي والخليج.. والبحرين الإٍقليم الممتد من حدود عمان جنوباً حتى نهاية شط العرب شمالاً وعاصمته هجر.
هذا التنظيم الإداري الذي اتخذه رسول الله، لم يختلف عنه ما كان عليه الوضع بعد ذلك في عهد الخلفاء الراشدين بل وفي عهد بني أمية وعهد بني العباس. فبعد ان انتقلت عاصمة الدولة من جزيرة العرب، ظلت هذه أيضاً وحدة ادارية واحدة كما كانت تدار من المدينة المنورة.
وفي الجانب التنظيمي لم تكن الإمارة والادارة مقتصرة على قبيل دون الآخر واذا ما شاهدنا مثلاً جدولاً لمن تولى مكة المكرمة عبر عهد النبوة الى آخر عهد بني أمية نجد النزاري والحضرمي والبجلي والثقفي وهذا ينطبق على البحرين وعمان واليمن والحجاز دون الشعور باحتقان اداري لهذه التولية او تلك وكانت جزيرة العرب أحياناً ما تجمع في ادارة واحدة، ففي عهد بني أمية أسندت ولاية الحجاز ونجد واليمن الى والٍ واحد.
وفي مطلع قيام الدولة العباسية كذلك تولاها وال واحد وكثيراً ما كانت اليمن تربط بولاية الحجاز او مكة أو من يتولى اليمن يمد سلطانه الى الحجاز كالخوارج في عهد بني أمية، والدولة الزيدية الأولى، والصليحيين، وبني رسول.
ولما قامت دول مثل الفاطمية (العبيدية) في مصر مدت سلطانها الى الحجاز ثم الى اليمن وعملوا على جعلهما وحدة ادارية واحدة. وكل من قام في الشام ومصر من دول كالأيوبيين والمماليك كانوا يمدون سلطانهم الى الحجاز واليمن، فهما مترابطان في كل توجه اداري عند السلطات الحاكمة.

اليمن وانشاء المجلس
في 21 رجب 1401هـ الموافق 25 مايو 1981م اعلن عن قيام منظمه جديده في الجزيره العربيه تنضم تحت لوائها ست دول عربيه تحت مسمى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربيه هي السعودية وعمان؛ الامارات؛ قطر؛ البحرين؛ الكويت؛ وقد اعلن في نظامه الاساسي ان الهدف من قيامه (مايربط بين الدول الست من علاقات خاصة، وسمات مشتركة، وانظمة متشابهة أساسها العقيدة الاسلامية، وايمان بالمصير المشترك ووحدة الهدف، وان التعاون فيما بينها انما يخدم الاهداف السامية للامة العربية). في حين يرى آخرون ان السبب الحقيقي لقيام هذا المجلس نتج عن هاجس امني؛ تمثل في اقامة توازن استراتيجي او مواجهة الاخطار المحدقه بالخليج انذاك؛ بدءا من الثورة الايرانيه وانتهاء بدخول السوفيت افغانستان؛ وتزايد الاطماع الدوليه في الخليج لأهميته الاقليميه؛ واخفي هذا الهاجس من قوانين المجلس ولم تشر اليه اشاره مباشره؛ حتى وان دلت عليه؛ خوفاً من افشال قيامه في حينه. فيما اعتبرت اليمن قيامه بدون اي اعتبار لوضعها الجغرافي والاستراتيجي والسياسي والذي يتمتع بنفس الخصائص؛ بأنه ضدها وتجاهل لدورها في الجزيره والخليج خصوصافي تجاوزه الحقائق الجغرافية وأهمال مصدر الأهمية الإقليمية والرصيد الحقيقي لموارد القوة، واقتصر على دول قليلة السكان لا تشكل في مجموعها (15 مليونا كسكان حقيقيين) تجمعا لإقليم فاعل ومؤثر. وهي اول من دعا الى مثل هذا التكتل في السبعينات؛واذا اخذناها من اعتبارات عده فاليمن ترى من منظورها الخاص انه في وقت قيام المجلس؛كان نظام الحكم في شطر اليمن الشمالي انذاك لا يختلف عن دول الخليج؛ خصوصا في سياسته؛اذا استبعدنا الحكم الاستراكي؛ والحليف للاتحاد السوفياتي؛ والتي بدورها ايضا اعتبرت قيام مجلس التعاون؛ ضدها بشكل خاص.والذي ادى الى ردة فعل في قيام اليمن بالانضمام الى مجلس التعاون العربي عام 1989 نتيجه لتجاوز الجغرافيا السياسيه واهميتها.
وقد شكلت القمة الـ22 لمجلس التعاون الخليجي المنعقدة في العاصمة العمانية مسقط في ديسمبر 2001م نقطة تحول في علاقة اليمن بمجلس التعاون الخليجي حيث أقرت القمة قبول اليمن في بعض هيئات مجلس التعاون، وهي مجلس وزراء الصحة، مجلس وزراء العمل والشئون الاجتماعية، ومكتب التربية العربي لدول الخليج، ودورة كأس الخليج العربي لكرة القدم.. وكانت قد تقدمت رسمياً بطلب الانضمام إلى المجلس في الدورة الـ17 لمؤتمر القمة الخليجي المنعقد في قطر في ديسمبر 1996م أي بعد 15 عاماً منذ إنشاءه.
اليمن من خلال نظرتها الاقليميه في الجزيره؛ ترى انه من المستحيل نجاح هذا التجمع في مواجهة اي اخطار اقليميه للجزيره والخليج؛ وترى انه بدونها فأنه تكامل غير كامل؛ او منقوص؛ فمثل ما تحتاج اليمن للخليج في الاستقرار والامن فكذلك دول الخليج؛ وهذا ما اكدته الاحداث الجاريه بأن نظره مجلس التعاون كانت نظره قصيرة المدى. وربما كان إعلان قمة مسقط عن قبول اليمن في بعض مؤسسات مجلس التعاون -غير السياسية وغير الاقتصادية- هو بداية النهاية لعقدة سياسية كانت تعترض طريق العلاقات اليمنية - الخليجية منذ زمان، وتثير خلافات صامتة.


اهمية اليمن للخليج
لا بد ان نسلط الضوء على عدة ابعاد من خلال الاجابه على الاسئله التالية:
ما هي اهميه اليمن للخليج من الناحيه الجغرافيه والديموغرافيه؛ والعسكريه والامنيه والاقتصاديه؟ وما هي اهميه الخليج لليمن ايضا؟
من خلال القاء نظره على موقع اليمن والخليج فأنه لا يختلف اثنان في ان اليمن والخليج ساعدتهما عوامل جغرافيه وجيولوجيه عده في جعل موقعهما مميزا فهما يسيطران على اهم مضائق في العالم استراتيجية (هرمز وباب المندب) جعلهما محط انظار واطماع الدول الكبرى اضافه الى موقعهما المتميز الذي يمثل نقطه الالتقاء بين القارات الثلاث من كل النواحي.
وتمثل اليمن عمقاً إستراتيجياً للجزيرة والخليج يجعل منها عاملاً مهماً لأمن واستقرار المنطقة لا يمكن الاستغناء عنها أو إقصائها في الوقت الذي يشهد العالم تحالفات إقليمية وتهديدات مستمرة ومتزايدة للمنطقة. فهناك ضرورة لتحقيق التكامل الأمني كتلك الضرورة التي مرت بها أوروبا مما أدى إلى سرعة انضمام الكثير من الدول الأوروبية إلى الإتحاد الأوروبي. وتعاون اليمن مع دول المجلس في القضايا الأمنية والحرب على الإرهاب ليس إلا واحدة من تلك الضرورات التي تتطلب تعجيل انضمام اليمن الكامل. إن دول المجلس بالرغم من امتلاكها آلية حربية ضخمة وحديثة وطائرات مقاتلة وبارجات حربية إلا أنها لم ترقى بعد إلى مستوى تجسيد الدفاع المشترك المتكامل وذلك بسبب عدم وجود القوة البشرية الكافية والمجال الجوي الواسع. ومهما كان هناك تواجد للقوات الأجنبية في بعض دول الخليج إلا أنها غير مرغوب فيها من قِبل الشعب الخليجي نفسه، ناهيك عن الميزانيات الضخمة التي تكلف دول المجلس للإنفاق على هذه القوات والتي تجاوزت مئات المليارات من الدولارات. ولذا فإن انضمام اليمن بإمكانياتها البشرية ومضائقها البحرية الإستراتيجية وفضائها الجوي سوف يساعد على إيجاد إستراتيجية عسكرية متكاملة لدول المجلس.
وتشير الدراسات البحثية في هذا الجانب إلى أن اليمن بموقعه الجغرافي أصبح يمثل همزة وصل بين القارة الأفريقية ودول شبه الجزيرة العربية وأصبحت اليمن ظهيراً آمنا لكل من السعودية وسلطنة عمان أولاً ولبقية دول المجلس ثانياً من خلال حمايتها لحدودهما البرية الجنوبية بالنسبة للسعودية والغربية بالنسبة لسلطنة عمان، أضف إلى ذلك فإن انضمام اليمن إلى دول المجلس سيؤدي الى رفع الحجم الكلي لسكان التجمع الإقليمي الخليجي الى حوالي 45 مليون نسمة وهو ما يشكل قوة بشرية يعتد بها في ميزان القوى الإقليمية والدولية على حد سواء خصوصاً وأن ذلك سيعمل على إضافة عدد كبير من السكان الذين يندرجون ضمن الفئة العمرية 18 –35 سنة وهي سن التجنيد الإلزامي الصالحة للالتحاق بالجيش وهو ما سيعزز من القدرات العسكرية لدرع الجزيرة والخليج الذي أنشأته دول المجلس لمهامها الجديدة.

وتتمتع اليمن باشرافها على مضيق باب المندب لوحدها وتشاركها السعوديه في الاشراف على البحر الاحمر فيما تشرف على بحر العرب والمحيط الهندي بمشاركة جزئيه من عمان و بطول شواطي تمثل بحوالي 2300 كم (طول الشواطئ اليمنية) تمثل مسار النفط القادم من الخليج والاكثر عرضة للتفاعلات الدوليه المختلفه؛ لذا فهي واجهة الجزيره العربيه على افريقيا من الغرب من خلال خليج عدن وايضا على الهند ودول شرق اسيا من الجنوب.وتتمتع بمساحه جغرافيه هي الاكبر بعد السعوديه في الجزيره العربية.
في هذه المساحة الجغرافيه تتمتع اليمن باراضي زراعيه مخصصة للمحاصيل(الدائمة) ما نسبته 2.44% من مساحة الجزيرة العربية وهي الاراضي الوحيده في الجزيره كلها من نسبه اراضي صالحه للزراعه بشكل عام تمثل نسبه 1.96% من مساحة الجزيرة العربية كامله يوجد 30% منها في اليمن لوحدها.. الخ.والذي يعطي انطباعا حول هذه الاهميه من فرص في توفير الأمن الغذائي لليمن والخليج لو تم التركيز على ذلك.
اما من ناحيه الاهميه الاقتصاديه للموقع الجغرافي فتمتلك اليمن مواني تتميز بأهميتها الطبيعيه في استخدامها كواجهة اقتصاديه دون الحاجة الى تأهيلها كثيرا فهي مؤهله طبيعيا وذلك بقلة الشعاب المرجانيه وتواجد الجروف الصحراويه يجعلها ذا اهميه اقتصاديه قويه بالنسبه لدول الخليج قبل ان تكون لليمن؛ وتحد قدرة اليمن الاقتصاديه في الاستفاده من الموانئ. ومنها على سبيل المثال ميناء عدن حيث من الممكن ان يكون نافذه اقتصاديه لدول لخليج على افريقيا.
اما اذا القينا نظره الى اهميه الموقع الجغرافي لليمن من الناحيه العسكريه بالنسبه للخليج فاننا نلاحظ ان اليمن تمتاز بامتلاكها سلسلة من المرافي الصالحه لتكون قواعد بحريه مثل :الحديده؛ عدن؛ بريم؛ سقطرى؛؛ المخا بينما اذا نظرنا الى دول الخليج فأننا نجد انها وان كانت موجوده فهي غير مهمه جدا نتيجه لوجودها في مسرح عمليات عسكريه اقليميه وصراعات دوليه؛ اضافة الى الضغط التجاري على هذه الموانئ.
من خلال ما سبق يمكننا ان نجمل ان اهميه موقع اليمن الجغرافي تمثل اهميه بالغه بالنسبه للخليج من خلال حماية التدفق النفطي للخليج على طول شواطئ مقدارها 2300 كم؛ والسماح للاسطول البحري للخليج في حمايته. ايضا السماح للسعوديه بمد انبوب تدفق نفطي الى البحر العربي؛ ايضا لأعطاء المرونه للنفط الخليجي في التوجه شرقا الى دول اسيا وغربا الى اروبا من خلال اليمن.
وأما من الناحية الثقافية فإن الثقافة العربية في اليمن غنية بما فيها من قوة اللغة العربية واللسان العربي والشعر العربي الفصيح والتاريخ العربي العميق الجذور، كما ان انضمام اليمن إلى مجلس دول الخليج العربية يضيف قوة إلى القوة الأمنية للمحافظة على الأمن والاستقرار ويكبح جماح الإرهاب، ويعد سداً أمنياً ضد أي اعتداء أو غزو خارجي بما حباها الله من موقع استراتيجي على البحر الأحمر وباب المندب وبحر العرب.

ضرورة قيام كيان اقليمي
"أمن الخليج وأمن اليمن لا يمكن فصلهما لأن اليمن شمالاً وجنوباً امتداد طبيعي لهذا الخليج وشعب واحد وأنه مهما كانت الاجتهادات السياسية فإنه في النهاية منطق الأخوة ومنطق المصلحة المشتركة ومنطق المصير سيفرض نفسه".
العبارات السابقة مقتطفة من تصريحات صحفية أدلى بها عبدالله بشارة أول أمين عام لمجلس التعاون الخليجي في 5 نوفمبر 1983م. ورغم أن مضمون تلك العبارات يؤكد أن أول أمين عام المجلس التعاون الخليج كان ينظر إلى الجانب الأمني كبعد استراتيجي في علاقة اليمن بمنظومة دول الخليج إلا أنه وبعد مرور عشرين عاما ما زالت اليمن خارج إطار دول مجلس التعاون الخليجي خصوصا في ظل المتغيرات السياسية الراهنة التي بات يشكل الأمن فيها المرتكز الرئيسي لتفاعل العلاقات الدولية.
فمنذ البداية شكل الهاجس الأمني الدافع الأكبر لقيام مجلس التعاون الخليجي وتبلور ذلك في حرب الخليج الأولى كما أنه مثل هاجساً رئيسياً تكرر في حرب الخليج الثالثة.
ولعل المتتبع للظروف الراهنة والتطورات التي شهدتها المنطقة مؤخراً يمكنه القول بأن انضمام اليمن الكامل إلى مجلس التعاون الخليجي سيشكل صمام أمان لدول المجلس من منطلق الاعتبارات السياسية والأمنية التي تمر بها المنطقة.
ويرى الكثير من الدارسين أن ما شهدته المنطقة الخليجية من تطورات عقب أحداث سبتمبر ومحاولات الولايات المتحدة والدوائر الصهيونية والغربية إلصاق تهم الإرهاب بالعرب والمسلمين وخصوصاً بدول الخليج، أضف إلى ذلك التأثيرات المباشرة التي فرضتها التطورات الأخيرة على المستوى العسكري لدول المجلس والتي دفعتها إلى تعزيز قدراتها العسكرية الداخلية والخارجية لمواجهة الآثار السيئة والتداعيات الخطيرة لأحداث 11 سبتمبر من خلال إنشاء العديد من الهياكل الخاصة لهذا الغرض أمر بات يفرض نفسه بقوة على دول الخليج لكي تراجع حساباتها وتبحث عن قدرات أخرى تعزز من ثقلها الجيوسياسي دوليا وعالمياً.
ومن المعروف أن الجزيرة العربية تمر حاليا بفترة حاسمة، فالوضع الأمني فيها عرف تحولا مهما، في ضل المسعى الاميركي الى اعادة صياغة كل منطقة الخليج وفق رؤاها. لذلك حان الوقت لمجلس التعاون الخليجي كي يفرض رؤيته، وأن يفرض نفسه أيضا ككيان للأمن الإقليمي.
ويرى الباحثان ستيفن هيرتوغ وستيفان لاكروا أن الأعوام الأخيرة شهدت قيام عدد من الدول في مجلس التعاون الخليجي بخطوات مهمة صوب تقوية أواصرها، وكان أكثر الإجراءات أهمية في هذا المضمار، هو الإعلان عن عملة واحدة سيتم تبنيها لكل دول مجلس التعاون الخليجي يكون آخر أجل له سنة 2010. في الوقت نفسه فقد تم التوقيع على اتفاقية الحدود أخيرا من قبل السعودية واليمن، وهذا ما يفتح الباب لانضمام اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي.
وفي مقارنة اجراها الباحثان الفرنسي والالماني حول التماثل بين التجربة الاوربية في مسعاها لتحقيق التكامل مع «دول أوروبا الشرقية»، وبين التحديات التي تواجه مجلس التعاون الخليجي في علاقته مع اليمن، نشير الى ما يلي:
أولا، هناك منطق جغرافي بالنسبة لليمن أقوى حتى مما هو قائم في أوروبا: شبه الجزيرة العربية هي وحدة طبيعية، وإنه سيكون من الناحية العملية صعبا إقصاء اليمن.
ثانيا: إمكانية لتحقيق التكامل الاقتصادي، إذ استطاعت بلدان مجلس التعاون الخليجي أن توفر الرأسمال الذي لا تمتلكه اليمن، في الوقت الذي لدى الأخيرة جيش ضخم من العمالة قليلة التكلفة.
ثالثا: هناك ضرورة أمنية حالية لتحقيق التكامل بأي شكل كان; ولذلك فإن نظاما أمنيا شاملا يتطلب تقديم حوافز أكثر لليمن من أجل تعزيز أمنها الداخلي تعزيزا للامن الاقليمي. واليمن في الكثير من الجوانب هي دولة ضعيفة القدرات وتحتاج إلى المساعدة والى منظور واضح للعب دور إيجابي في تحقيق تكامل شبه الجزيرة العربية.

أخذ ورد
يجمع الكثير من السياسيين والمفكرين أن اليمن تعتبر من الناحية الجغرافية خاصرة الجزيرة العربية،تربطه بدول الخليج روابط التاريخ والجوار،فضلا عن اللغة والدين. لقد كان اليمن دائم الحضور والتواجد وهو جزء اصيل من المنظومة الخليجية والجزيرية، ولكن الدخول الرسمي لدول مجلس التعاون كان مجال "أخذ ورد".
وهذا ما خلصت اليه ندوة اقامتها دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر بعنوان "اليمن ومستقبل مجلس التعاون الخليجي" في بداية العام 2002م، لتقييم قرار قمة مسقط في 2001، بضم اليمن الي بعض لجان المجلس وخلفيات وتداعيات القرار بالنسبة لليمن ولدول الخليج وللعلاقات اليمنية – الخليجية المستقبلية،بمشاركة عدد من السياسيين والمفكرين من اليمن والخليج. وقد قيم عدد من المشاركين في الندوة،أن قرار قمة مسقط جاء متاخرا،وان هذا التاخر شكل خسارة لدول الخليج ولليمن،وللمنطقة العربية ككل. ومنهم من راى أن القرار جاء في الوقت المناسب خاصة اذا ما اخذ بعين الاعتبار المتغيرات الدولية التي يشهدها العالم منذ احداث 11 سبتمبر،واحتلال العامل الامني الصدارة في العلاقات الدولية..

لماذا تأخر القرار
تقول ورقة الحوار التي طرحت في الندوة أن ظروفا ومبررات – اعتبرتها - موضوعية حالت دون تحقق المطلب اليمني في ذلك التوقيت؛ فعلى الرغم من كثرة عوامل التقارب بين اليمن ودول المجلس إلا أن عوامل التباعد والتباين هي الأخرى كثيرة. لم يكن اليمن بلداً نفطياً ولم يتمتع بما تمتعت به دول المجلس من ثراء، واليمن نظامه جمهوري وليس وراثيا، واقتصاده مختلف ووضعه الأمني غير مستقر ومشاكله الداخلية كثيرة وارتباطاته الدولية مختلفة عن دول المجلس. بالاضافة الى التصريحات المتتالية:
ففي أوائل الثمانينات زار اليمن مسؤول كويتي عالي المستوى، وحين سئل عن موقع اليمن من مجلس التعاون الخليجي أجاب أنهم يجدون صعوبة في قبول الشطر الشمالي ولا يقبلون الشطر الجنوبي نظرا لارتباط الجنوب بعلاقة قوية مع الاتحاد السوفييتي.
وسئل عبدالله بشارة الأمين العام السابق لمجلس التعاون عن موقع اليمن من المجلس فقال: ان المجلس ليس نادياً للسيارات، أي أن المجلس ليس لكل من هب ودب ودخول اليمن في المجلس فضول لا لزوم له حسب رأيه.
كما نقل على لسان الملك فهد قوله عند ورود اسم اليمن: المجلس خاص بالدول المتشابهة، وذلك يعني أن دولة اليمن لا تشبه دول الجزيرة والخليج. وكل تلك التصريحات استندت الى بيانات وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي بيانات في 25 مايو/ ايار و4 فبراير/ شباط 1981 حددوا فيها السمات التي تجمع دول المجلس، وأهمها ما يلي: العلاقات الخاصة، العقيدة المشتركة، التشابه في الأنظمة، وحدة التراث والتماثل السياسي والسكاني والاقتصادي. بالاضافة مشكلة الحدود مع السعودية وضرورة الاجماع لتغيير النظام الأساسي للمجلس حتى يقبل اليمن.
ان تلك المبررات والظروف لم تبنى على رؤية سليمة،تستشرف المستقبل وحتمية المصير بالاضافة الى المصالح المشتركة، فحجة التشطير سقطت والعلاقة بالسوفييت انتهت بسقوط المعسكر الاشتراكي وانهيار الاتحاد السوفييتي.
- العقيدة المشتركة: أما من حيث العقيدة، فاذا كانت بعض دول الخليج قد أشارت في دساتيرها الى أن الاسلام مصدر رئيسي للتشريع فإن الدستور اليمني ينص على أن الاسلام المصدر الوحيد للتشريع.
- التشابه في الأنظمة: من الصعب القول ان في الجزيرة والخليج نظام لا يشبه الأنظمة الأخرى في جوهره وطبيعته، وأسسه العامة والمؤسسات الاجتماعية التي تفرزه وان أختلف في شكله أو صفته، والاختلاف في الأشكال والصفات يصدق على كل دول الجزيرة والخليج بما فيها دول مجلس التعاون الخليجي، في الكويت برلمان منتخب، في الامارات شكل اتحادي، في عمان برلمان مختلط معين ومنتخب، وللسعودية مجلس معين وبلديات منتخبة وللبحرين وقطر صيغ أخرى، ولليمن نظام تعددي وبرلمان منتخب.
واذا نظرنا االى التكتلات الولية فسنجد ان أشكال النظام وصفاته لم تكن عائقاً في أي تكتل دولي حتى اليوم وها هي أوروبا تحوي ملكيات وجمهوريات وأنظمة برلمانية وأنظمة رئاسية، لكن جوهر الأنظمة واحد وطبيعتها واحدة كما هو جوهر النظام وطبيعته في الخليج وشمال الجزيرة وجنوبها رغم الاختلاف في الأشكال وكلنا في الهم شرق.
- وحدة التراث: اذا كان هناك شك في وحدة التراث بين كل سكان الجزيرة والخليج فليس هناك وحدة في التراث بين أبناء نجد وأبناء الحجاز، واذا لم يكن الدين واللغة والتاريخ المشترك ورحلات “ايلاف قريش” كافية فما الذي يزيد في دول مجلس التعاون الخليجي ؟.
- التماثل السياسي والسكاني والاقتصادي: اذا كان يقصد به التماثل في السياسات العامة الاقتصادية والاجتماعية والشؤون الخارجية فإن اليمن لم يكن ببعيد عن السياسات العامة للمنطقة ان لم يكن في كثير من الحالات أكثر انسجاما من غيره وأقل بعداً عن سياسات دول المنطقة من بعض الدول الست المكونة للمجلس.
أما شرط التماثل السكاني فمثير للدهشة والغرابة لأنه من ناحية غير موجود داخل الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، ومن ناحية أخرى المعروف أن التباين في السكان والثروات، الموقع، المناخ، والمساحات عامل من عوامل التكامل الايجابي الذي يشكل مبرراً رئيسياً للتقارب والتوحيد.
موضوع التماثل الاقتصادي ليس مما يستحق أن تعتد به دول مجلس التعاون فالبنية الاقتصادية الانتاجية لجميع دول المنطقة لا تختلف كثيراً فجميعها دول استهلاكية تعتمد على ما تستورده من الخارج وتصدر سلعة واحدة ينتجها الغير من أرضنا.
- الموقع الجغرافي: لا تاتي اهمية الموقع الجغرافي من اطلاله على مياه الخليج وانما على تأثيره في اقتصاد واستقرار وأمان المنطقة التي تحيط به، ومجلس التعاون ليس شريطاً ساحلياً وانما هو مؤسسة تسعى الى تحقيق التكامل ولا يمكن له أن يعمل بكفاءة وفعالية دون أن يشمل كل دول الجزيرة وركنها الجنوبي الذي يهيمن على طرق التجارة بما فيها الثروة السوداء، ويشكل اليمن بشواطئه الواقعة على البحر الأحمر والبحر الهندي الباب المفتوح حين يختنق الخليج لأي سبب.
- المشاكل الحدودية: لقد سقط مبرر الحدود بعد أن وقع اليمن مع السعودية وعمان اتفاقيات الحدود.
- الاجماع: ومن الحجج المطروحة لرفض عضوية اليمن أن النظام الأساسي قد نص على دول بعينها، وهذه المادة كما قال الدكتور نايف على عبيد من أكثر مواد النظام الأساسي اثارة للجدل لأنها خالفت العرف الذي تتم به صياغة المواثيق المنشئة لمنظمات من هذا النوع.

نظرة قاصرة
ان النظرة القاصرة التي كان ولا يزال الكثير من الخليجيين يتحججون بها تجاه اليمن والمنبثقة اساسا من مبررات منع اليمن من الاندماج في المجلس، والتي اثرت على العلاقات بين الطرفين ومعيقا نفسيا تجاه هذا المطلب.
ويرى الدكتور ياسين سعيد نعمان على دول المجلس ألا تنظر إلى اليمن على أنه بلد فقير وأن انضمامه سيكون عبئاً عليها دون قراءة استراتيجية لأبعاد التكامل السياسي والأمني والإقتصادي الذي ستولده عضوية اليمن على المدى البعيد، فلدى اليمن مخزون من العوامل الإيجابية للشراكة التي من شأنها أن تجعل مسألة الفوارق المعيشية الحالية ثانوية بحساب مستقبل هذه الشراكة، وعلى اليمن أن يعالج قضية انضمامه من الزاوية التي يكون فيها شريكأ مؤهلاً.
اما الدكتور محمد عبدالملك المتوكل فيقول أن هناك مشكلة أساسية لاحظتها في العديد من اللقاءات والكتابات أن النظرة إلى اليمن بأنه "بلد يُعطَى ولا يُعطِي" وأنا أختلف مع هذه النظرة، وأرى أن اليمن من الممكن أن يُعطِي خيراً ويُعطِي شراً، وأن الموقع الجغرافي المهم لليمن سواء على البحر الأحمر أو المحيط العربي يمكن أن يشكل قوة كبيرة جداً للمنطقة، اليمن بكثافته السكانية يخلق سوقاً استثمارية واستهلاكية كبيرة، ويدعم الكثير من العادات والتقاليد التي تأتي مع هجرات اليد العاملة، وبالتالي يشكل اليمن بتواجده قوة حقيقية، وإذا كان لدى الأخوة في مجلس التعاون المال فلدى اليمن شيء آخر، وبدون تكامل الأمرين ستظل هناك حالة من الضعف في الطرفين.
مؤكدا ان الفوارق الاقتصادية فليست كبيرة، فكل اقتصاداتنا هو اقتصادات خامات أولية وليس اقتصادات صناعية كبيرة، وكان من الممكن أن يكون اقتصاد الخليج أكثر قوة وكان في اليمن مجال للاستثمار والاستهلاك.
بدورها تؤكد الدكتورة مريم سلطان لوتاه – استاذة العلوم السياسية بجامعة الامارات ان دول الخليج التي ظلت تتعامل مع بعضها البعض باعتبارها دول تحظى بقدر من التميز فيما يتعلق بمسألة التنمية، باعتبار أنها دول ثرية مقارنة بالدول الأخرى التي تفتقر العوائد النفطية،وتضيف أن هذه المسألة بحاجة إلى معالجة أو مراجعة، لأن العوائد النفطية لم تعد تمثل ضماناً لتنمية اقتصادية شاملة، كما أثبتت التجربة أن تقاربها داخل منظومة مجلس التعاون الخليجي لم يحقق لها التنمية المنشودة.
وتشير الدكتورة لوتاه الى ان مسالة التفاوت الاقتصادي بين اليمن والخليج مسالة مبالغ فيها، وقراءة مغلوطة في الأرقام، فإذا كان هناك فارق متوسط الدخل الفردي بين دول الخليج واليمن، فهذا يرجع لتمتع دول الخليج بثروة وعائدات نفطية ليس أكثر، ولا يعود إلى وجود تجربة تنموية حقيقية انعكست على صلابة البنية الاقتصادية في دول الخليج، أو إلى وجود فجوة حقيقية بين التجربة الاقتصادية لدينا والتجربة الاقتصادية في اليمن.
وترى لوتاه أن التنمية المعتمدة على المال وجلب العمالة الوافدة من دول مختلفة معنا ثقافياً ودينياً أصبحت تمثل لنا مشكلة تنموية حقيقية ومشكلة أمنية وأيضاً مشكلة تهدد بقاءنا كمجتمعات عربية لها هويتها الواضحة، وإن لم نوقف هذه المسألة ونؤمن بضرورة التقارب العربي - العربي، والخليجي - اليمني، أو الانفتاح على العالم العربي ككل فإننا سوف نضيع فرص حقيقية للتنمية.
وإلى جانب الأيدي العاملة تضيف لوتاه هناك فرص لتكامل في الموارد، فنحن في دول الخليج تتشابه الموارد فلا تتوافر فرصة لوجود تنمية ونحن في حاجة لموارد متنوعة، واليمن يتيح هذا النوع من التنوع في الموارد، إلى جانب أن الكثافة السكانية اليمنية من الممكن أن تكون أسواقاً للمنتجات الخليجية.. وتعتبر لوتاه أن دخول اليمن بالنسبة للخليج يمثل مكسبا كبيرا للخليج يعيد التوازن ويصحح الخلل في التركيبة السكانية خصوصاً إذا تم الاستغناء تدريجياً عن العمالة الوافدة غير العربية بإخوة من اليمن.
وتطرح لوتاه مسألة الثقل العربي في المجلس خصوصاً في حال وجود تحديات أمنية غير عربية في المنطقة، وتقول بما أننا شركاء في الإقليم ينبغي أن نكون شركاء في التصورات الأمنية، ونحن شركاء في الثقافة الإسلامية وبالتالي والمنطقة كلها معرضة لتحديات أكبر، تحديات أمنية سواء من جانب الكيان الصهيوني، أو من جانب الغرب وتدخلاته في المنطقة، أو حتى تحديات اقتصادية لابد من مواجهتها لأنه في ظل العولمة الاقتصادية لا يوجد مجال للوقوف فرادى، وكلما كان تكتلنا أكبر، كلما كانت فرصنا لتحقيق التنمية أكبر، وفي اعتقادي أن دخول اليمن يتيح لنا مثل هذه الفرصة سواء أمنية أو اقتصادية تنموية،

خلفية القرار ودوافعه:
كثير هي المعيقات التي طرحت من قبل العديد من الخليجيين والتي حالت دون انظمام اليمن الى المجلس،فما الذي تغير ؟مع العلم ان عددا من هذه المعيقات ماتزال قائمة.ولماذا قرار قمة مسقط؟
يرى الدكتور ياسين سعيد نعمان رئيس مجلس النواب سايقا والقيادي في الحزب الاشتراكي اليمني حول قرار دول الخليج بضم اليمن الى بعض مؤسساته أن شيئاً أكبر من العامل الجغرافي وعوامل الدم ووشائج القربى قد توفر، وسمحت الظروف المستجدة بقراءته بموضوعية وهدوء.
كما انه لا يخرج عن إطار ما يمكن أن نعتبره توجهاً لدراسة طلب الإنضمام عن قرب، من خلال وجوده في بعض المؤسسات سيخلق شروطاً أفضل لدراسة هذا الطلب لا سيما وأن هذا الوضع سيرتب التزامات سياسية وأمنية متبادلة خارج نطاق الهيئات التي شملها القرار، وسيشكل ذلك اختباراً لحجم ونوعية المضاعفات السياسية والأمنية والاقتصادية وقدرتها على تكوين تراكم من نوع ما، يصب في صالح الانضمام الكامل، أي أن نوعية هذه المضاعفات ستحدد النتيجة سلباً وإيجاباً.ويضيف ياسين ربما أدرك صناع السياسة الخليجية هذه الحقيقة مما جعلهم يتعاملوا مع الطلب من منطلق استراتيجي، ولكن بقلوب حارة وعقول باردة.
فيما يرى جار الله عمر الامين العام المساعد للحزب الاشتراكي اليمني أن القرار كانت له أسبابه التي لا يمكن تخطيها، وليس من بينها مشكلة العلاقة التحالفية للجنوب مع موسكو، لأنه كان بألإمكان وقتها أن تضم اليمن الشمالية التي ذهبت يومئذ إلى مجلس التعاون العربي، واهمها أحداث سبتمبر والمتغيرات الدولية التي لعبت دوراً في اتخاذ هذا القرار الذي يعتبر خطوة أولى من الأفضل أن تتخذ على أن لا تتخذ على الإطلاق.
اما الاستاذ خليفة بخيت عضو منتدى الفكر العربي فيعتقد أن الظرف الدولي والاقليمي بعد الـ 11 من سبتمبر كان له تاثير كبير،لاعتبارات كثيرة منها امنية بالدرجة الاولى وامكانية استيعاب اليمن بدلا من أن يضل خارج المنظومة، وأيضاً عامل العولمة كان من الأهمية بحيث يفرض دخول اليمن ضمن هذه المنظومة، إلى جانب التغلغل الإسرائيلي الصهيوني في البحر الأحمر وأفريقيا والخليج والحضور الأمريكي الكبير في أفغانستان، ساهم في اتخاذ دول المجلس لهذا القرار بموضوعية بالرغم من ضعف هذا القرار.
وهناك انقسام بين دول مجلس التعاون بشأن انضمام اليمن، فمنها دول متحمسة وأخرى رافضة لهذا الانضمام. ويرصد الباحثون والمحللون السياسيون،رؤيتان الأولى تقول بقبول اليمن مع تأهيله، وهذه وجهة نظر موضوعية، لكن تحتاج الى ديناميكية داخلية وموضوعية لكي تطبق على الأرض. الرؤية الثانية تقول بوجوب التعامل مع اليمن من خارج المجلس وهذه الرؤية يراها البعض أنانية واستعلائية وتفتقر الى الموضوعية.

ايجابيات مشاركة اليمن في المجلس:
فوائد اقتصادية: ان انظمام اليمن الى مجلس االتعاون الخليجي سيحد من الاختناقات التي يعانيها رأس المال الخليجي أن مجالات الاستثمار في الخليج محدودة مما يضطره الى تجميد أمواله في البنوك الأجنبية فتتآكل بفعل تذبذبات العملة أو تجمد بتهمة الارهاب، أو تستثمر في دول العالم فتحرم المنطقة كلها من التنمية ويستفيد منها من قد يكون معادياً لأمتنا، عضوية اليمن في المجلس سوف تفتح باباً واسعاً لرأس المال الخليجي دون قيود أو مخاوف وبذلك تنمو المنطقة ويتسع سوقها.
- يشكل اليمن بالنسبة لدول الجزيرة والخليج سوقاً واسعة تساعد على امتصاص ناتجها الصناعي والذي تقفل أمامه أسواق العالم.
- توفير العمالة المحلية والتي لا يخرج عائدها خارج المنطقة ما يؤدي الى دورة اقتصادية نشطة تعود فوائدها على اقتصاد المنطقة كلها.
- كما انه سيحقق التكامل بين دول المنطقة سواء في مجال الزراعة أو الصناعة أو المواد الخام مما يعزز من استقلال اقتصاد المنطقة ويعزز من سيادتها على قرارها.
- دخول اليمن في عضوية المجلس يجعل دول المنطقة من الناحية الاقتصادية في موقع أفضل في مواجهة التكتلات الاقتصادية الاقليمية والدولية.
- فوائد سياسية: نمو وزن المنطقة وتأثيرها السياسي في المستوى العربي والاقليمي والدولي بفضل ما يعكسه وجود اليمن في عضوية المجلس من تكامل في الموقع الاستراتيجي واستكمال للسيطرة على منابع الثروة وطرق تجارتها، الى جانب ما يعكسه من أثر سياسي في الكثافة السكانية والوفرة المالية والقوة الاقتصادية.
وجود اليمن في عضوية المجلس يساعد على الحد من التناقضات الثانوية داخل اطار المنطقة سواء بين دول المنطقة نفسها أو بين القوى السياسية المتصارعة داخل كل منها، وبذلك توفر الأمة جهداً ووقتاً وامكانات توجه لمصلحة التنمية.
- وجود اليمن في المجلس يقوي من تماسك دول المنطقة ويفوت الفرصة على كل من يسعى للاصطياد مستغلاً التناقضات الثانوية والخلافات التي تغذى في ظل التباعد.
- دخول اليمن في المجلس يحقق توازنا معقولاً من شأنه اضعاف أية محاولة للهيمنة التي قد تجر في النهاية الى تمزق المجلس وتمرد أعضائه، كما أن التوازن يتيح فرصة للدول الصغيرة أن تلعب دوراً كبيراً.
- فوائد أمنية: بدخول اليمن مجلس التعاون تصبح المنطقة أكثر أماناً وأكبر قدرة على مواجهة التحديات الخارجية الاقليمية كانت أم دولية مما لا تضطر معه دول المنطقة للخضوع للابتزاز الخارجي واعتماد دبلوماسية الشيكات كما سماها الدكتور نايف على عبيد.
ووجود اليمن بطاقته البشرية التي تتجاوز العشرين مليونا وموقعه الاستراتيجي المهم سوف يخلق ظروفاً أمنية أفضل وتكاملاً أكبر في عناصر قوة دول المنطقة، يقول الدكتور حمد الكواري: “ان اليمن هو خصر الجزيرة ودرعها الواقية، ولا يمكن تجاهل عضو في منطقة جغرافية لمجرد أن أوضاعه الاقتصادية ليست في مستوى الدول الأخرى في المنطقة".
كما ان المخزون البشري اليمني سوف يسهم في المحافظة على عروبة الخليج في عالم متغير تحكمه دعاوى حقوق الانسان.

سلبيات بقاء اليمن خارج اطار المجلس:
- خسارة المنطقة لكل الايجابيات التي يمكن أن تحققها عضوية اليمن في المجلس.
- استبعاد اليمن سوف يجعلها تبحث عن تكتلات أخرى قد لا تتفق مع مصلحة دول المنطقة، يقول الدكتور عبدالله النفيسي: “لو كان اليمن يقع في المحيط الباسيفيكي أو عند مدخل مضيق بنما لما حفلنا به، لكن أن يقع في الجزيرة العربية وتجمعه حدود مشتركة مع السعودية وسلطنة عمان وفيه كثافة بشرية تعادل كل سكان دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة وهو- أي اليمن- الآن دولة نفطية ويختزن من المعادن الثمينة والموقع الاستراتيجي ما يدفع الدول الغربية للتزاحم نحوه ثم بعد ذلك نتحفظ ازاءه ففي ذلك لا شك قصور ظاهر في مرئياتنا المستقبلية”.
- ردود الفعل لدى اليمنيين لرفضهم من قبل اخوانهم قد يساعد على جعل اليمن بؤرة نشاط القوى المعادية والمتطرفة والساعية الى هز الاستقرار في المنطقة، يقول الدكتور حمد الكواري: “هذا التجاهل يولد شعوراً بالاحباط والذل للعضو المرفوض مما لا يساعد على تحقيق الأمن والاستقرار المطلوبين للمنطقة”.
- بعد اليمن عن المجلس يجعل حل أي مشكلة بينه وبين أخوانه في الجزيرة أكثر استعصاء على الحل، بينما وجود اليمن في المجلس يخلق نوعاً من الاحساس بالمسؤولية المشتركة، كما يخلق احساساً بالأمان.
ونخلص مما سبق أن استبعاد اليمن لا علاقة له بالنظام الأساسي ولا بالتشابه والتماثل وانما حقيقته عجز عن الرؤية الموضوعية والعلمية لمصلحة المنطقة وعجز عن تجاوز ثقافة تجيد التركيز على نقاط الخلاف رغم قلتها، وتتجاهل نقاط اللقاء على كثرتها.

من الشراكة إلى الاندماج
تجمع الكثير من الفعاليات السياسية والفكرية اليمنية والخليجية على أن مدخل الاندماج اليمني في مجلس التعاون الخليجي سيكون اقتصاديا وبالتحديد من باب الاستثمارات المشتركة مع عدم إغفال كافة الأبعاد الأخرى وخصوصا السياسية والتاريخية والثقافية والإجتماعية. هذا ما أكدته دراسة أعدها الدكتور محمد الحاوري وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي لقطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية حول "العلاقات الاقتصادية اليمنية
مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من الشراكة إلى الاندماج" والتي أكدت بالأرقام عمق الشراكة التي يجب أن تحددها خارطة طرق ومسارات للإندماج الكامل مستقبلاً. قالت الدراسة: أن الدول الخليجية أكبر قوة نفطية في العالم سواء من حيث الاحتياطي (46%)أو الإنتاج (24%)أو الصادرات (40%)، وبالتالي تتميز بوفرة في رأس المال المالي والنقدي، وفي المقابل هناك ندرة نسبية في عنصر رأس المال البشري (القوى العاملة)، و اليمن يتميز بوفرة في القوى العاملة ولديه ندرة نسبية في رأس المال النقدي.
ونوهت الدراسة بالموقع الجغرافي المتميز لليمن وما يمكن أن يلعبه في خدمة اقتصاديات المنطقة في جعل الموانئ اليمنية محطة ترانزيت أساسية لنقل المنتجات الخليجية نحو البلدان الإفريقية، كما أشارت إلى توفير خط آمن لنقل النفط الخليجي إلى بحر العرب والمحيط الهندي مباشرة عن طريق خط أنابيب إلى السواحل الجنوبية لليمن بعيداً عن اختناقات الخليج العربي وأزماته السياسية والأمنية المختلفة. وأكدت الدراسة أن اليمن يزخر بإمكانيات استثمارية كبيرة ومتنوعة وفي مجالات مختلفة، حيث يتمتع الاقتصاد اليمني بتنوع في الموارد الطبيعية ورخص في الأيدي العاملة واتساع في حجم السوق وتعدد في مجالات الاستثمار.
ولاحظت الدراسة في تطور حجم التبادل التجاري اليمني – الخليجي أن دول المجلس هي الشريك الأول تجاريا حيث وصلت قيمة الصادرات إلى السوق اليمنية خلال عام 2005 إلى 331 مليار ريال وبنسبة 35.6% من واردات اليمن، كما بلغت صادرات اليمن إلى دول مجلس التعاون الخليجي حوالي 90.4 مليار ريال وبنسبة 8.4% من إجمالي صادرات اليمن. ويميل الميزان التجاري لصالح دول المجلس، كما أن الأسواق الخليجية أكثر استيعاباً للصادرات اليمنية غير النفطية. وحققت الصادرات الخليجية معدل نمو سنوي (32%)، في الوقت الذي حققت الصادرات اليمنية نمواً سنوياً متوسطاً بلغ 41.4%.
وتشير الدراسة الى أن استثمارات دول مجلس التعاون الخليجي في اليمن تباينت فقد احتلت الاستثمارات السعودية المرتبة الأولى من حيث التكلفة الاستثمارية للاستثمارات الخليجية وبنسبة 85.6%، وتأتي المشاريع الاستثمارية الإماراتية في المرتبة الثانية وبنسبة 13.9% تقريباً، كما جاءت الاستثمارات الكويتية في المرتبة الثالثة.
ورصدت الدراسة لأهم المحطات الفارقة في العلاقات الاقتصادية اليمنية الخليجية وهي القمة الثانية والعشرين لقادة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، في مسقط في شهر ديسمبر 2001، والموافقة على قبول عضوية اليمن في أربع مؤسسات من مؤسسات المجلس، وقمة الملك فهد (السادسة والعشرين، في أبو ظبي، في شهر ديسمبر 2005والقرار الاستراتيجي بتأهيل الاقتصاد اليمن وتحديد الاحتياجات التمويلية تغطي الفترة 2006-2015، والاجتماع المشترك لوزراء خارجية دول المجلس ووزير الخارجية والمغتربين في الجمهورية اليمنية بغرض التوصل إلى تصور مشترك لتأهيل اليمن اقتصادياً، ومؤتمر لندن للمانحين بتبني من الأمانة العامة لدول المجلس، ومؤتمر الفرص الاستثمارية.

آفاق المستقبل:
لا خيار لدول الجزيرة والخليج من استيعاب اليمن ان أرادت أماناً واستقراراً، واذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد عجزت عن منع أبناء المكسيك من غزوها فدول الجزيرة والخليج أعجز حين يفيض السطح اليماني بما يقرب من 113 مليوناً من البشر في منتصف ستينات هذا القرن.
يقول د.مجيد العلوي –نائب الامين العام لمركز البحرين للبحوث والدراسات بعد زوال السببين الرئيسيين لعدم ضم اليمن بتوقيع اتفاقية دائمة مع السعودية، وحل الإشكال الحدودي بين عمان واليمن بترسيم الحدود بين الطرفين، وتوحيد شطري اليمن واستقرار الأمور،أصبحت الظروف الاستراتيجية في المنطقة مواتية لدخول اليمن الذي يجب أن يكون جزءاً من هذه المنظومة.
ويضيف عبدالرحمن الجروان-مستشار ديوان حاكم الشارقة- إذا كانت دول الخليج تنظر لضم اليمن للمجلس بجدية فعليها الكثير من المسؤوليات تجاه اليمن، وإذا كان تشابه الوضع الاقتصادي والسياسي لدول المجلس الست أحال سابقاً دون ضم اليمن، فأعتقد أنه بحكم وجود اليمن في الجزيرة العربية، وعمقه السكاني والتاريخي والجغرافي، فعلى دول الخليج من الآن أن تسعى إلى تنمية اليمن اقتصادياً إذا كانت مقتنعة بضمه لمجلسها كعضو فاعل.
كما ترى الدكتورة مريم سلكان لوتاه – استاذة العلوم السياسية بجامعة الامارات أن لهذا التقارب الخليجي - اليمني، أو الخليجي - العربي، أو حتى العربي - الإسلامي أصوله ومقوماته التاريخية والثقافية والدينية وخلافه، فإن هناك ضرورات تتعلق بمعطيات المرحلة الراهنة، فنحن نمر بمرحلة تاريخية تفرض علينا الكثير من التحديات التنموية والأمنية. وحول الإصرار اليمني لدخول المجلس برغم المآخذ الكثيرة على منظومة المجلس ككل منذ بداية تأسيسه وحتى اليوم، يقول الدكتور محمد عبدالملك المتوكل،أن ذلك ليس ضرورة لليمن فقط، فهي ضرورة للمنطقة كلها، وبالتالي فاليمن جزء من هذه المنطقة ولا يستطيع أن يبقى بعيدا عن إخوته، ولا هم يستطيعون أن يظلوا بعيدين عنه، كل منهم مكمل للآخر، وبالتالي إصرار اليمن هو لخدمة المنطقة كلها وللأسف الشديد أن عدداً من الأخوة في الخليج يعتقدون أن اليمن يريد دخول المجلس لكي يستفيد هو وحده، فاليمن بدخوله المجلس سيكون فيه عطاء وسيفيد ويستفيد. الشيء الثاني أن عالم اليوم هو عالم التكتلات، فنظام الدولة الواحدة أو الفسيفساء الواحدة لم تعد مقبولة في هذا العالم، أوروبا كلها بمختلف لغاتها وعقائدها وتقاليدها تسعى لأن تكون دولة واحدة، لأنها أدركت أن وحدة المصالح هي الحدود الحقيقية، بعد أن قدمت 60 مليون قتيل.

نحتاج ارادة سياسية
الكل، هنا وهناك، في اليمن والخليج، يترقب ذلك الحدث الذي ما زلنا ننتظره منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي في الـ25 من مايو 1981. 26 عاماً مضت من عمر مجلس التعاون الخليجي والشعبين الخليجي واليمني يتطلعان إلى انضمام اليمن إلى المجلس. منذ زمن طويل والكل يحلم بهذا اليوم التاريخي وكلما شعرنا بقربه يتضح لنا أن هناك الكثير من الصعاب جعلت من هذا الحلم سراباً يبتعد كلما اقتربنا منه. لكن الإرادة الجادة تجعل من الحلم حقيقة، ومن اليمن عضواً كاملاًً، ومن المجلس وحدة، ومن الوحدة قوة. كفى على اليمن أن غرد خارج السرب لعقدين ونصف من الزمن خارج المنظومة الخليجية، وحان الوقت لاندماجه والتحامه مع بقية أعضاء الجسد العربي الخليجي.
الإرادة السياسة هي من بيدها زمام الأمور، فالكثير مما يمكن تحقيقه يعتمد على مدى سعي دول المجلس واليمن معاً إلى بلورة تلك الرؤى والتطلعات إلى واقعٍ مُعاش. فالإرادة السياسية قوة لا يوقفها عائق، وها هي الفرصة قد حانت لدعم اليمن اقتصادياً لتتحول رؤى وأمنيات الشعب العربي في اليمن والخليج إلى حقيقة ساطعة كسطوع الشمس ليصبح مجلس التعاون الخليجي بسبعة أعضاء. إن مجلس التعاون الخليجي أمامه مسؤولية كبرى تجاه اليمن، وهذه المسئولية ليست أخلاقية فحسب بل هي قضية أمن قومي واستقرار إقليمي، وأية تطورات سلبية أو ايجابية في الساحة الخلفية لمجلس التعاون ستنعكس سلباً أو إيجاباً على قضايا التنمية والاستقرار الإقليمي.

المصادر:
1- الشجاع، عبدالرحمن عبدالواحد، "العلاقة التاريخية بين اليمن والخليج.. بين الجغرافيا والمصالح النشتركة"، صحيفة 26 سبتمبر.
2- الحاوري، محمد، "اليمن والخليج..من الشراكة الى الاندماج"، صحيفة 26 سبتمبر، العدد 1329.
3- ستيفن هيرتوغ وستيفان لاكروا، "اليمن ومجلس التعاون ومعيقات التكامل"، صحيفة الشرق الاوسط، العدد 9460،22 اكتوبر 2004.
4- الفهيدي، عبدالملك، "اليمن والخليج"المؤتمر نت، 19 ديسمبر 2003م.
5- الحاجبي، عبدالغني، "اليمن ومجلس التعاون الخليجي:اما آن لهذا الجسد ان يكمل التحامة؟" المؤتمر نت، 29 اكتوبر 2006م.
6- يحيى، ناصر، "مكاسب متبادلة في الوقت الضائع"، اسلام اون لاين، 13 يناير 2001م.
7- دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر، "اليمن ومستقبل مجلس التعاون الخليجي" ندوة، 2002م.
8- صحيفة الخليج الاماراتية،"اليمن ومجلس التعاون الخليجي.. واقع اليوم وآفاق المستقبل"، موقع المسيرة، 19 ابريل 2005م.