القرصنة في البحر الأحمر: الدلائل والأبعاد
الخميس, 25-ديسمبر-2008
علي صوال - يصعب على من يتابع ويرصد كل ما يقال ويعلن عن تطور عمليات القرصنة التي تجري في خليج عدن وقبالة السواحل الصومالية في البحر الأحمر، أن يكوِّن صورة شاملة ومكتملة عن حقيقة دلائل وأبعاد هذه العمليات، وذلك لأن المتابع يجد نفسه مغرقا بالجزئيات والمعلومات المشوّهة وغير المكتملة وغير الصحيحة أيضا، فمن الطبيعي أن يؤدي هذا الإغراق المتعمد إلى غياب وتشويه الصورة الحقيقية لعمليات القرصنة.
غير أن من يُمعن في قراءة هذه الجزئيات ويربط بين دلائلها وأبعادها، بتجرد سيجد نفسه أمام الصورة الشاملة والحقيقية التي تؤكد أن القرصنة التي يشهدها حاليا البحر الأحمر إنما هي صفحة جديدة في سجل الصراع والابتزاز الحضاري الذي تمارسه عبر التاريخ دول الغرب، ومعها الصهيونية العالمية ضد الدول العربية والإسلامية.
وهذا الابتزاز ليس بغريب أو جديد، إنما الجديد هو الأسلوب والمبرر أو الحجة أو القناع الذي يواري حقيقة هذا الابتزاز، الذي تتضح خيوطه ومظاهره في كل جزئية أو تطور من التطورات التي تشهدها عمليات القرصنة في الوقت الحاضر.
وعندما نصف هذا الابتزاز بالحضاري فأننا نعني أنه موجّه من قبل قوم ودين وثقافة معينة ضد قوم ودين وثقافة أخرى، وتاريخنا العربي والإسلامي يزخر بالكثير من فصول الحقد والابتزاز الذي أظهرته، وما زالت، الحملات الصليبية على مدى تاريخ الهجمات الاستعمارية الغربية حتى المؤامرة المستمرة على الحقوق العربية والإسلامية في كثير من المناطق، وفي مقدمتها فلسطين، والقدس الشريف.
واستخدام الغرب للقرصنة كسياسة أو حجة أو طريقة لتحقيق أهدافهم ليس بالأمر الجديد فحتى ثلاثمائة عام مضت كانت أعمال القرصنة في أوّج نشاطها، وكان ينظر إليها كقدر محتوم من الصعب تلافيه، وبلغت من الروّاج إلى حد أن بعض الدول الأوربية وظّفت قراصنة كبار للنيل من اقتصاديات الدول الأخرى (كما فعلت بريطانيا مع أسبانيا في عهد الملكة إليزابيث الأولى) وأيضا كما فعلت بريطانيا عندما استغلت تعرض أحد السفن التي كانت تمتلكها للقرصنة إزاء السواحل اليمنية كذريعة لاحتلال مدينة عدن وجنوب اليمن عام 1839.
ويمكن القول إن البعد الحضاري بشقيه الديني والثقافي، يعبّر عن نفسه في القرصنة كصناعة غربية تهدف إلى تحقيق أهداف وأطماع دولية في منطقتنا العربية وبالذات في خليج عدن والبحر الأحمر، من خلال مطلبين استراتيجيين دائمين للدول المسيحية، الغربية والإفريقية ولليهودية العالمية هما:
الأول: منع أو الحيلولة دون نشوء قوة إسلامية ممثلة سواء في دولة أم في مجموعة دول موحّدة قوية مستقرة في هذه المنطقة، من البحر الأحمر والعربي والقرن الإفريقي، ففي القرن السادس عشر، وبالتحديد في عام 1515، عندما انتصر المسلمون في الصومال على الأحباش المسيحيين استنجد هؤلاء بالدول الغربية المسيحية التي بدأت منذ ذلك الوقت سلسلة هجمات وتدخلات ما تزال مستمرة حتى اليوم، هدفها التواجد والسيطرة على هذه المنطقة، فبدأت البرتغال حيث وصلت قواتها إلى ساحل الصومال في ذلك العام.
وبحجة الصراع بين الصومال التي تمتلك أكبر ساحل على المحيط الهندي- والتي لا يراد لها أن تكون قويةً بل ضعيفةً مفككةً، حتى لا تشكّل مع من يليها من الدول الإسلامية في إفريقيا، وبالذات السودان، محورا إسلاميا أفريقيا، وإثيوبيا التي لا تمتلك أي منافذ بحرية، توالت التدخلات الأوربية والغربية فجاءت فرنسا إلى جيبوتي عام 1862، ثم إيطاليا وبريطانيا التي قامت في عام 1954 بتسليم إقليم "أوغادين" الصومالي إلى إثيوبيا.
وعندما نجحت الصومال في حربها مع إثيوبيا عامي 1977 و1978 في استعادة جزء من إقليم أوغادين؛ إلا أنها اضطرت إلى الانسحاب من ذلك الجزء بسبب التواطؤ الأوربي الغربي لصالح إثيوبيا التي كانت محسوبة على المعسكر الشرقي الشيوعي!!
وبعد سقوط وانهيار الدولة المركزية في الصومال عام 1991 نجحت الولايات المتحدة عام 1993 في الدخول بقواتها ضمن إطار قوات الأمم المتحدة بدعوى القضاء على أمراء الحرب والمليشيات في الصومال، وإثر الخسائر الفادحة التي لحقت بالقوات الأميركية قرر الرئيس كلينتون الانسحاب من الصومال، ليصبح الهدف الاستراتيجي لواشنطن والغرب إقامة حكومة عميلة لهم أو ترك الصومال في فوضى، فساندوا كل أمراء الحرب على اختلاف مشاربهم.
ومرة أخرى عندما صعدت المحاكم الإسلامية وأكدت رغبتها في إقامة دولة إسلامية في الصومال يمكن أن تصبح نموذجاً منافساً للنموذج الغربي الذي يتم الترويج له، ويمكن أن يحقق استقرارا وقوة للصومال، وهذا كله يمكن أن يحدث خللاً في المعادلات الغربية بالقرن الأفريقي، فقرر الغرب المسيحي وبالتحالف مع أثيوبيا المسيحية القضاء على هذه القوة الشابة، فقامت القوات الإثيوبية بغزو الصومال في 24/12/2006، فالصومال لا تزال هدفا غربيا أميركيا، ولكن هذه المرة عن طريق دولة إقليمية هي إثيوبيا، غير أن الأحداث أكدت أن القوات الإثيوبية ستفشل ولن تستطيع البقاء في الصومال في ظل تصاعد حدة حرب عصابات التي تنفذها قوات المحاكم ضدها، فقد أصبحت المحاكم حركة سياسية تقود المجتمع نحو التوحيد والتحرير فهي إما تنجح في الصمود أو تنجح في استنزاف القوات الإثيوبية خاصة أن الشعب الصومالي- وهو شعب مسلم لا توجد لديه مشاكل مذهبية ودينية يجد الفكرة الإسلامية مقبولة- يشعر بأنه أمام غزو خارجي وليس مجرد صراع بين أجنحة صومالية، ومن ثم فإنه سينضوي تحت قيادة المحاكم التي تكسبها حرب العصابات المناعة العسكرية وتزيد قوتها وخبرتها السياسية.
لتجد الولايات المتحدة نفسها أمام مأزق سياسي جديد في الصومال، وتعلن نيتها في البحث عن إستراتيجية جديدة إزاء الصومال، وفي هذه الأثناء تبرز من جديد وفي صورة جديدة عمليات القرصنة في البحر الأحمر وخليج عدن، وهناك الكثير من الدلائل التي تشير إلى ارتباط نشاط القراصنة بالإستراتيجية الغربية - الأميركية الجديدة في المنطقة ومنها:
- تزامن نمو وتطور نشاط القراصنة في المنطقة مع الوقت الذي بدأت فيه الولايات المتحدة الحديث عن إستراتيجية جديدة في القرن الإفريقي.
وبالفعل فقد شهد نشاط القراصنة خلال هذه الفترة التي بدأت مع دخول القوات الإثيوبية الصومال نموا وتطورا ملحوظا، فالقراصنة الجدد لم يعودوا أولئك الصيادين البسطاء بل باتت لهم إمكانيات كبيرة وحديثة ملفتة للنظر، فهم يمتلكون زوارق سريعة جدا تعمل انطلاقا من سفينة "أم"، ويتسلحون بالرشاشات وقاذفات للقنابل اليدوية، ويحتمل أن تكون لديهم قاذفات صواريخ، وأنظمة دفاع جوي محمولة على الأكتاف كما أنهم يستخدمون هواتف تعمل بنظام "دبز" وبالأقمار الصناعية.
- تقع دائرة عمليات القرصنة في المنطقة المحاذية لساحل "بونت لاند" فقط، وليست في كل الصومال، ومعروف أن إثيوبيا وبدعم غربي قد عملت ودعمت انفصال هذا الإقليم عن الصومال في العام 1991، وهو إقليم غني بموارده الطبيعية مثل البترول والثروة السمكية والثروات البحرية الأخرى كالملح والغابات الحافلة بأشجار البخور واللبان التي تشكّل المادة الخام لصناعة العطور، وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أدلة على أن عصابات القرصنة قد أنشأت علاقات مع المسؤولين "الفاسدين" في حكومة "بونت لاند"، فالقراصنة يقدّمون الرشوة لمسؤولي ميناء "إيل" كي يسمحوا لهم باستخدام الميناء وموانئ أخرى قواعد لانطلاق عملياتهم ولإحضار السفن المختطفة إليها، للاحتفاظ بها هناك بينما يفاوض القراصنة أصحاب السفن المخطوفة بشأن الفدية.
ومع مرور الوقت أصبح للقراصنة قاعدة محصّنة في منطقة "آيل"، وموقع هذه القاعدة وإحداثياته معروفة للقوات الأميركية وللفرقاطة الفرنسية "كوربي" الراسية في خليج عدن والقوات الفرنسية المرابطة في جيبوتي.
- من ناحية أخرى أن بديل إنهاء القرصنة هو استقرار الصومال واستعادة استقلاله ووحدته الوطنية والإقليمية وتكوين الدولة الوطنية المركزية التي تحظى بالشرعية الشعبية، فقد كان الشاطئ الصومالي آمنا إبان الاحتلال الإيطالي، واستمر الحال كذلك خلال ثلاثين عاما من عمر الدولة الصومالية، وعندما سيطرت حركة المحاكم الإسلامية على السلطة استطاعت القضاء نهائيا على القرصنة.
غير أنه من صالح القوى الغربية إبقاء الدولة الصومالية في حالة الانهيار حتى تستمر عمليات النهب التي تمارسها شركات الصيد الأوربية والأفريقية والآسيوية، ناهيك عن إغراق المخلّفات السامة والنووية.
فالساحل الصومالي الذي يمتد ثلاثة آلاف وسبعمائة كيلومتر، يعتبر أطول ساحل أفريقي وأغناه بالأسماك المتنوعة، إذ قد يصل سعر بعض الأنواع إلى ستة آلاف دولار للكيلو الواحد، وهذه المكاسب المالية يفقدها الصومال بسبب عدم بسط السيادة على مياهه الإقليمية. بينما تكسب شركات الصيد الملايين، إذن فإن كل القرارات الدولية المتعلقة بمحاربة القرصنة لا تهدف إلا لحماية الصيد غير المشروع في المياه الإقليمية الصومالية وحرمان البلاد من العوائد التي تستحقها.
المطلب الثاني: تحرص القوى الغربية على مدار العهود الماضية والحديثة والراهنة على السيطرة والإطباق على كل المنافذ والمناطق التي تمنح العرب أفضلية استراتيجية، وجعلها مناطق نفوذ وقواعد عسكرية للغرب، وذلك بهدف الضغط وحصار الدول العربية المطلّة على هذه المنافذ والمناطق، وتقليص إن لم يكن القضاء على فرص العرب في الاستفادة من هذه الأفضلية بما يخدم ويقوّي أهدافهم ومصالحهم القومية العليا أيا كانت، وفي مقدمة المناطق الإستراتيجية العربية المستهدفة غربيا تأتي المنطقة الممتدة من خليج عدن إلى باب المندب والبحر الأحمر، فحصار الدول المطلّة على هذه المنطقة مطلب غربي - إسرائيلي، إذ يعتبر البحر الأحمر وخليج عدن الطريق الوحيد لتجارة الدول العربية المطلّة عليهما وأي ارتباك في الملاحة في هذه المنطقة يؤثر سلبيا بشكل واضح على مصالح تلك الدول.
30 بالمائة من الملاحة البترولية تمر عبر البحر الأحمر، وهو يشكل طريقا رئيسيا للتجارة بين أوربا وآسيا، ويكاد يكون الطريق الوحيد بين روسيا والدول المطلّة على البحر الأسود إلى غرب أفريقيا وشرق وجنوب شرق آسيا.
وتريد الولايات المتحدة خلق دور للناتو في واحدة من أكثر المناطق ارتباطًا بأمنها القومي ومصالحها الجيو-إستراتيجية الكونية. وهي رغبة ودعوة أميركية عمرها 27 عامًا، بينما تريد أوربا العودة عسكريًّا إلى المنطقة، بعد نحو أربعة عقود من رحيلها عنها. وخلق دور أوربي جديد في الإقليم، وتطمح روسيا لاستعادة وجودها العسكري في بحر العرب والقرن الأفريقي، ومع استمرار ونمو عمليات القرصنة في البحر الأحمر تتبلور ثلاث حالات كلها سلبية، وهي:
- تسبب القرصنة حالة ارتباك للملاحة في البحر الأحمر تؤثر سلبا على مصالح الدول العربية، لاسيما التي يمر جزء كبير من صادراتها البترولية إلى أوربا عبره، كذلك تتأثر الملاحة في قناة السويس بارتباك الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن؛ لأنهما يعتبران امتدادا للقناة، وبالتالي فإن دخل مصر من القناة سيتأثر بما يحدث من ارتباك.
- إذا استمرت أعمال القرصنة فهناك احتمال الانتقال إلى طريق رأس الرجاء الصالح، ولذلك آثار سلبية كبيرة على دخل قناة السويس وعلى موانئ اليمن والصومال، كما أن ذلك سيؤدي إلى زيادة تكاليف التشغيل والشحن الإجمالية في وقت يمثل فيه سعر النفط مبعث قلق للدول البترولية العربية.
- تؤكد الأحداث أن سيناريو القرصنة سيكون مبررا للإجراءات التي ستنفذها الدول الغربية بحجة مكافحة القرصنة، أي تدويل البحر الأحمر من خلال تواجد للقوات الغربية الأمر الذي يزيد من احتمالات استخدام هذا التواجد ضد دول المنطقة وتبرير ذلك بأسباب ومبررات مختلقة.
كما سيؤدي التدويل إلى مشاركة إسرائيل في أعمال المكافحة وفقا لاقتراحها الذي لا بد أن يلقى تأييدا من الولايات المتحدة والغرب، مما يؤثر على أمن الدول العربية.
وقد يؤدي الوجود العسكري الأجنبي إلى رفع احتمالات وإمكانية مزيد من الضغط ومزيد من التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وكل ما ينتقص من السيادة العربية بما فيها فرض تسهيلات عسكرية.
إذن فالقرصنة في البحر الأحمر فرصة ومبرر يخدم أهدافا غربية إستراتيجية قديمة، ولذلك سارعت هذه الدول وتحركت بداية لإيجاد الغطاء الشرعي لهذا التحرك، وبمساعٍ أوربية - أميركية أصدر مجلس الأمن القرارات التي تجيز دخول السفن الحربية إلى المياه الإقليمية الصومالية، ونشر المزيد من السفن الحربية في المنفذ الجنوبي للبحر الأحمر وخليج عدن، بالإضافة إلى الدعوة لإنشاء "منطقة دوريات أمن بحري" حيث ستقوم سفن دول متحالفة بدوريات مشتركة تكون على مقربة من منطقة الملاحة البحرية، والهدف طبعا هو تأسيس وجود عسكري متقدم في المنطقة الممتدة من بحر عُمان حتى سواحل زنجبار، مع تركيز خاص على خليج عدن، والمدخل الجنوبي للبحر الأحمر، حيث باب المندب.
وبالفعل قرر حلف الناتو إرسال سبع من بوارجه الحربية إلى القطاع الجنوبي الغربي من بحر العرب، من جهتها لم تنتظر روسيا كثيرًا، وهي ترى القوى الأطلسية تتجه إلى تأكيد قبضتها على خليج عدن، بل سارعت لإرسال سفينة الحراسة "نيوستراشيمي" إلى المنطقة، وعقدت اتفاقًا خاصًّا مع الحكومة الانتقالية في مقديشو لتقنين عمل هذه السفينة، المزودة بقدرات اشتباك متقدمة.
وأمام كل تلك الحشود لا يمكن أن نتصور أو نصدق أن تكون مكافحة القرصنة هي الأهداف الحقيقية لهذا الحشد المتعاظم من القوات، أو لمواجهة مجموعة من القراصنة لا يشكلون في مجموعهم كتيبة مشاة في دولة صغيرة.
وعلى الرغم من تواجد سفن حربية من حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة ودول أخرى، إلا أن القراصنة واصلوا عملياتهم، ولن يطول استغرابنا إزاء تقاعس قوات التحالف الدولية في التصدي لتنامي عمليات القرصنة، إذ يبدو أن هدف هذا التقاعس هو إتاحة الفرصة لشركات أمنية غربية خاصة، فقد أدت القرصنة إلى ازدهار سوق موازية استفادت منها مؤسسات الحراسة الخاصة الفرنسية والأميركية والبريطانية على غرار "آيجيس ديفانس سيرفيسيس" و"أرمور غروب" و"أزيا ريسك سولوشيون" و"بلاك ووتر" المعروفة بأنشطتها المشبوهة في العراق، التي تعرض اليوم خدماتها على أصحاب السفن المستعدين لدفع المزيد من المال لو لزم الأمر، فأصحاب السفن هم أول من استنجد بشركات الأمن الخاصة.


رؤية إقليمية عربية غير متجانسة:
من المؤكد أن الدول العربية المعنية بآثار وتبعات القرصنة، وما سيترتب عليها من إجراءات دولية لا ترغب برؤية الأساطيل الغربية تتزاحم أمام سواحلها ومنافذها، وترغب أيضا في إيجاد وضع مستقر في الصومال، لكن للأسف هذه الرغبة لا يقابلها ما يدعمها من رؤية مشتركة ومتجانسة لهذه الدول إزاء مستقبل تطورات الوضع في الصومال وفي المنطقة بأكملها. فعلى مستوى الوضع في الصومال يغيب التناغم الإقليمي حول القضية الصومالية، وهذا الأمر من شأنه أن يرمي بظلاله على الشأن الداخلي الصومالي المهيأ لاحتضان هذه الرؤى غير المتجانسة، وقد تتشكل مخرجاتها على هيئة تحالفات وتشكيلات سياسية وعسكرية جديدة من شأنها أن تزيد الأمور تعقيداً.
أما بالنسبة لمسألة تدويل البحر الأحمر وبحر العرب فالدول العربية منقسمة في التوجهات، وإن كانت لا تخفي قلقها من التدويل إلا أن كلا منها ينطلق من منطلقات فردية وحسابات خاصة بكل دولة على حدة، فهناك من يؤكد على أن هذه الدول قادرة على مواجهة مشكلة القرصنة وأنها لن تقبل أن تأتي قوات دولية لتؤمن المنطقة، وأن هذه هي مسؤولية الدول المطلة على البحر الأحمر، ومنها من يتحدث عن تنسيق الجهود المشتركة من خلال توقيع مذكرتي تفاهم خاصة بمكافحة القرصنة والسطو المسلح ضد السفن قبالة السواحل الصومالية.
ومنها من يؤيد الانضمام إلى المبادرة الغربية التي تهدف إلى تكثيف إجراءات الأمن على الممرات الملاحية قبالة سواحل شرق أفريقيا.


ولكل طرف هواجسه وحساباته التي لا يفصح عنها، وإن كان هناك مقترحات عسكرية إلا أنها قد لا ترى النور.
إذن فالمخططات الغربية مستمرة وجاري تنفيذها، والدول العربية لم تصل بعد إلى رؤية موحّدة متجانسة لمواجهته، ولا غرابة فهذه صورة وسيناريو اعتدنا للأسف على مشاهدتها عربيا خلال القرن الأخير، ولا ندري متى نشهد نهايته!! 


المصدر: السياسية نت