مجموعة بحثية أميركية: لولا دعم البيت الأبيض لما حكم الإخوان
الثلاثاء, 01-يوليو-2014
الميثاق إنفو -


نشرت مجموعة بحثية أميركية وثائق سرية لوزارة الخارجية الأميركية توثق دعم إدارة أوباما لجماعة الإخوان المسلمين وفق مخطط أميركي لوضع أنظمة إسلامية بدل تلك الأنظمة التي أسقطتها شعوبها.

بدأت مجموعة الشرق الاستشارية في واشنطن، منذ حوالي ثلاثة أسابيع، نشر وثائق سرية لوزارة الخارجية الأميركية توثق دعم الإدارة الأميركية لجماعة الإخوان المسلمين بهدف تغيير الأنظمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

بموجب قانون حرية المعلومة الأميركي (FOIA) حصلت المجموعة البحثية، التي تتخذ من واشنطن مقرّا لها، على هذه الوثائق التي تكشف أحدثها عن وجود رسائل إلكترونية من إدارة أوباما تبين عملا تحضيريا لاستيلاء الإخوان المسلمين على السلطة.

وجاء في التقرير أنه في إطار قضية جارية مرتبطة بقانون حرية المعلومة، أطلقت إدارة أوباما عشرات من الرسائل الإلكترونية الداخلية بعد إدخال تعديلات كبيرة عليها، لكن بالرغم من ذلك هناك تفاصيل دقيقة في هذه الرسائل تكشف أن البيت الأبيض قام على مدى ستة أشهر بمراجعة لآفاق حكم الإخوان المسلمين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وجرت المراجعة التي قامت بها إدارة أوباما لتخطيط السياسات بين شهري سبتمبر 2010 وفبراير 2011.

ترأست عملية المراجعة هيئة التحرير في مجلس الأمن القومي دنيس روس وسامانتا باور وغايل سميث وبن رودس ومايكل ماكفول. واستُهلت هذه العملية بإمضاء الرئيس باراك أوباما على أمر رئاسي للقيام بدراسة تحمل رقم 11 (اختصارا بي.أس.دي-11) خلال شهر أغسطس وإجراء تقييم حكومي شامل لآفاق الإصلاح السياسي والدور المحتمل للإخوان المسلمين في كافة أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

شارك في عملية المراجعة، التي دامت ستة أشهر، العشرات من المسؤولين التابعين لمجلس الأمن القومي ومكتب وزارة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، ومكتب التحولات في الشرق الأوسط، ومكتب المستشار الكبير للمجتمع المدني والديمقراطيات الناشئة وهيئة التخطيط لسياسة الوزارة ومكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل.

وكالات مجلس الأمن القومي رسمت تباينا حادا بين القاعدة والإخوان رغم وجود أدلة على تطابقات في الأشخاص والأفكار

التعامل مع الإخوان

تكشف عملية المراجعة المتأنية لثماني وتسعين رسالة إلكترونية بين البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي وموظفي وزارة الداخلية أن النتيجة التي توصلت إليها المراجعة تتمثل في أن الإخوان المسلمين هم حركة مرشحة لكي تساندها الولايات المتحدة في كامل منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط. ونتيجة لذلك وبتوجيه من الرئيس باراك أوباما كثّف الدبلوماسيون الأميركيون اتصالاتهم بكبار القادة في حركة الإخوان المسلمين وأعطوا مساندة نشطة لسعي الجماعة للوصول إلى السلطة في بلدان مهمة مثل مصر وليبيا وتونس وسوريا انطلاقا من بداية سنة 2011 عند انطلاق ما يسمى بـ”الربيع العربي”.

في ورقة محادثة خاصة أعدها مكتب شؤون الشرق الأدنى للصحافة والدبلوماسية العامة، بمناسبة زيارة وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، هيلاري كلينتون، للعاصمة المجرية بودابست في الثلاثين من يونيو 2011، تم الترحيب بالحوار مع الإخوان المسلمين وخاصة في مصر. وأكدت نقاط المحادثة، التي حملت عنوان “الإخوان المسلمون: أسئلة وأجوبة”، أن الولايات المتحدة مستعدة للتحاور مع “كافة الأطراف الملتزمة بنبذ العنف”.

ومدحت بصفة خاصة الإخوان المسلمين في مصر “لإشراك المرأة”. كما ذكرت الأجوبة الجاهزة أن اتصال الولايات المتحدة مع الإخوان المسلمين “جرى على نحو متقطع منذ الثمانينات”. ولكن هذه الاتصالات سوف لن تقتصر مثلما كانت من قبل على البرلمانيين المنتخبين.

ولاحظت مذكرة تابعة لوزارة الخارجية أرسلها مايكل هامر إلى جفري فلتمان وآن باترسن وجاكوب والس وروبا رانغسوامي بتاريخ 30 يونيو 2011، أن “الوزيرة تلقت السؤال في مؤتمرها الصحفي في بودابست منذ وقت قصير” وأن إجابتها اتبعت نقاط المحادثة المعدة لها.

هيلاري كلينتون: لا توجد أي موانع قانونية أميركية ضد التعامل مع الإخوان المسلمين


وأجابت الوزيرة كلينتون ملقي السؤال في الندوة الصحفية بأنه “لا توجد أي موانع قانونية أميركية ضد التعامل مع الإخوان المسلمين، فالحركة منذ زمن طويل نبذت العنف كوسيلة لتحقيق التغيير السياسي في مصر ولا تعتبر واشنطن الحركة تنظيما إرهابيا أجنبيا. لكن مجموعات أخرى متعاطفة مثل حماس التي تعتبر الإخوان المسلمين مرشدها الروحي لم تتخل عن العنف ضد اسرائيل”.

القاعدة والإخوان

لم يوضع دعم إدارة أوباما للإخوان موضع تشكيك لأول مرة إلا بين شهري نوفمبر وديسمبر 2012 بعد أن أمر الرئيس المصري محمد مرسي بقمع محتجين سلميين خارج قصر الرئاسة كانوا يطالبون بحكم أكثر شراكة ومزيد من التقدم الاقتصادي. في ذلك الوقت تأكد المسؤولون الأميركيون أن حركة الإخوان المسلمين قد استخدمت فرقها شبه العسكرية لخطف بعض المحتجين وحجزهم في أماكن سرية دون مراجعة قضائية أو إذن من المحكمة.

البعض من هؤلاء الضحايا تعرضوا للضرب المبرح قبل إطلاق سراحهم في آخر المطاف. وحتى الآن تتعلل وزارة العدل الأميركية بالسرية لمنع الكشف عن بي.أس.دي -11 وبي.دي.دي 13 بتاريخ 16 فبراير 2011 حول آفاق حكم الإخوان في مصر وبلدان أخرى في المنطقة. وتتوقع مجموعة الشرق الاستشارية أن يتم الاعتراض على قرار وزارة الخارجية هذا في المحكمة الفدرالية في العاصمة واشنطن آخر هذا العام.

الدراسة الأصلية (بي.أس.دي 11) المتكونة من ثماني عشرة صفحة طالبت بمخطط مفصل عن الكيفية التي تستطيع بها الولايات المتحدة “الدفع نحو التغيير السياسي” في بلدان يرأسها “حكام مستبدون” كانت حليفة تاريخية للولايات المتحدة.

البيت الأبيض قام بين شهري سبتمبر 2010 وفبراير 2011 بمراجعة لآفاق حكم الإخوان المسلمين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

وتضمنت الدراسة مراجعة مجلس الأمن القومي في عهد باراك أوباما ومسؤولين كبار في وزارة الخارجية الأميركية لعواقب رفض الولايات المتحدة الانتخابات البرلمانية الفلسطينية لسنة 2006 التي فازت بها حركة حماس.

واستخلصت الدراسة السرية بتاريخ 16 فبراير 2011 أن الإسلام السياسي الذي يقترحه الإخوان المسلمون مع وطنيتهم الجياشة يمكن أن تؤدي إلى الإصلاح والاستقرار. وكانت الدراسة التي أجريت في الأشهر الستة السابقة من قبل لجنة ضبط سياسات ما بين الوكالات برئاسة مجلس الأمن القومي، رسمت تباينا حادا بين القاعدة والإخوان المسلمين بالرغم من وجود أدلة على تطابقات متعددة في الأشخاص والأفكار.

أحد المسؤولين في إدارة أوباما، لم يذكر اسمه، كان قد ساهم في كتابة الدراسة بتاريخ السادس عشر من فبراير 2011، قدم في شهر مارس تصريحا جاء فيه: “إذا لم تتمكن سياستنا من التفريق بين القاعدة والإخوان المسلمين لن نتمكن من التأقلم مع هذا التغيير. وكذلك لن نسمح لأنفسنا بالتصرف بدافع الخوف”.

يأتي الكشف على هذه الوثائق الخطرة في وقت يرى فيه محللون أن العلاقات المصرية الأميركية مرشحة لمزيد من التأزم في ظل عدم حسم إدارة أوباما خياراتها تجاه الأوضاع في مصر بعد فشل مخطط استيلاء الإخوان على السلطة.



* صحيفة العرب اللندنية